سمو الأمير يفتتح منتدى الدوحة في دورته العشرين
تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فشمل برعايته الكريمة افتتاح منتدى الدوحة في دورته العشرين التي تعقد تحت شعار /التحول إلى عصر جديد/، وذلك بفندق شيراتون الدوحة صباح اليوم.
حضر الافتتاح فخامة الرئيسة فيوسا عثماني رئيسة جمهورية كوسوفو، ودولة السيد نجيب ميقاتي رئيس مجلس الوزراء بالجمهورية اللبنانية الشقيقة، ودولة الدكتور محمد اشتيه رئيس الوزراء بدولة فلسطين الشقيقة، وسعادة السيد جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، وسعادة السيد بورجي براندي رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، وأصحاب السعادة رؤساء وفود الدول الشقيقة والصديقة.
كما حضر الافتتاح معالي الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وعدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة، وكبار المسؤولين من الأكاديميين وصناع السياسات والبرلمانيين والمفكرين ورجال الأعمال والاعلام وممثلي منظمات إقليمية ودولية ومنظمات المجتمع المدني.
وألقى سمو الأمير المفدى كلمة فيما يلي نصها:
" بـسـم الله الــرحـمـن الـرحـيــم
الـسـيـدات والـسـادة،
أرحب بكم في قطر ونحن ندشن هذا الصباح النسخة العشرين من منتدى الدوحة، هذه المنصة التي أطلقناها منذ اثنين وعشرين عاما لتكون ملتقى لصناع القرار والخبراء والإعلاميين من منطقتنا ومن كل أنحاء العالم. ويسرنا أن إطلاق هذا المنتدى فتح الطريق لنشوء العديد من المنابر والمنصات التي انطلقت بعد ذلك في منطقتنا.
إن عالم اليوم قد وصل إلى مرحلة مفصلية على كافة المستويات، السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وهذه المرحلة تتطلب مراجعات جذرية قبل أن يصل العالم إلى حالة من فقدان التوازن.
فعلى مستوى البيئة والتغير المناخي نرى أن أنماط الاستهلاك غير الصديقة للبيئة ومعدلات الإنتاج الصناعي غير المسؤولة تزداد على نحو مضطرد، ما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية تمس الإنسانية جمعاء، بل إن تداعياتها ستطال حتى الأجيال القادمة.
وعلى المستوى المجتمعي وحياة الناس فإن الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين الدول، وفي المجتمع الواحد، تنبئ بخلل جسيم في الاقتصاديات الكلية ولا سيما بعد تعزيز قطاع التكنولوجيا ودوره في الاقتصاد وحياة الأفراد. هذا بالإضافة إلى الزيادة المرعبة في معدلات الفقر العالمي، وصعوبة الوصول إلى مقومات الحياة الأساسية والتدهور إلى المجاعات في بعض الحالات.
إننا نؤمن أن العدالة الاجتماعية هي صمام الأمان الحقيقي للمجتمعات، ما يتطلب سياسات ضريبية عادلة لأن غالبية المجتمعات لا يمكنها الاستغناء عن خدمات الدولة.ولكننا نحذر من الأصوات الشعبوية ذات النبرة الإقصائية في زمن التوترات المجتمعية والانكماش الاقتصادي. ومن هذه الظواهر الاقصائية التي أخذت تتصاعد في السنوات الأخيرة ظاهرة الإسلاموفوبيا.وللأسف، فإن الإسلاموفوبيا لا تقتصر على قوى اليمين الشعبوي، وتحتاج إلى وقفة حازمة وجادة ضدها كتلك التي شهدها العالم في الوقفة ضد التمييز العرقي، وضد العداء للسامية. مع الملاحظة المستحقة هنا أن تهمة العداء للسامية باتت تُستخدَم على نحوٍ خاطئ ضد كل من ينتقد سياسات إسرائيل، الأمر الذي يضر بالصراع ضد العنصرية والعداء الفعلي للسامية.
أما على المستوى السياسي والأمني فإنه يؤسفنا أن نرى تقلصاً في المساحات السياسية والدبلوماسية لصالح التمدد العسكري والحلول المسلحة، وقد بدأت عسكرة الحلول في التنامي لتصل واحدة من أصعب ذرواتها في العقود الأربعة الأخيرة في الحرب الأوكرانية. ومن هنا فإنني أؤكد على موقف دولة قطر الثابت من نبذ العنف وترويع المدنيين والاعتداء على سيادة الدول وكل ما من شأنه أن يشكل خرقاً للقيم الإنسانية والقوانين الدولية. نحن نتضامن مع الملايين من الأبرياء واللاجئين ضـحـايـا هـذه الحـرب غـير العادلة والحسابات الجيوسياسية، وإذ أؤكد على هذا التضامن فإنني أود أن أذكّر بالملايين من الفلسطينيين الذين عانوا ويعانون من الاحتلال الإسرائيلي والتجاهل الدولي منذ أكثر من سبعة عقود، ومثلهم كثير من الشعوب الأخرى كالشعب السوري والشعب الأفغاني الذين فشل المجتمع الدولي في أن ينصفهم.
الحـضــور الـكــرام،
تكشف هذه الحرب بما لا يدع مجالا للشك عن أن المعادلات التي استقرّ عليها النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانيـة -وبعد انقضـاء الحـرب البـاردة- آخـذة ٌ في التـغـيّر، ويتوجب علينا جميعاً، ولا سيما الدول الكبرى أن نقف وقفة جادة لتحديد مستقبل النظام الدولي ولنطرح على أنفسنا سؤالاً هاماً، ما هو شكل العالم الذي نريد أن نورثه لأبنائنا؟ ما هو العصر الجديد الذي أثبتت الحرب الجارية حاليا في القارة الأوروبية وقبلها جائحة كورونا وغيرها من الأزمات المتتالية أننا لا بدّ أن نعمل على إعادة تشكيله لصالح الإنسانية جمعاء؟ هل ستجيب الدول الكبرى على هذا السؤال بالقتال بعد التنافس على تطوير أنواع جديدة من الأسلحة؟ لا يمكن أن تقبل الإنسانية بهذا السيناريو الكارثي، ولا بد من وسائل وسبل أخرى غير الحرب للتوصل إلى الأجوبة.
ونحن من جهتنا قد اخترنا طريق الحوار العقلاني القائم على الموازنة بين القيم والمصالح المشتركة في الوقت ذاته، اخترنا طريق الوساطة لحل النزاعات بالطرق السلمية. وقد راكمنا خبرة في هذا المجال نضعها في خدمة السلام والاستقرار والحلول العادلة للنزاعات.
إن العصر الجديد الذي نحلم به، وأعملُ شخصياً من أجله، هو عصر السلام والأمن والتعايش للجميع، هو عصر العدالة الاجتماعية، العصر الذي يستطيع فيه جميع الناس الوصول إلى احتياجاتهم الأساسية من التعليم والصحة والموارد المائية والعيش بكرامة، ويستطيعون فيه تحقيق أنفسهم وممارسة نمط حياتهم وثقافاتهم.
نتمنى لجميع المشاركين في هذا المنتدى نقاشات ثرية وشفافة تثمر مقترحات وحلول قابلة للتطبيق كما نثمن جهود القائمين على المنتدى.
والـسـلام عـلـيكـم ورحـمـة الله وبـركـاتـه."
كما قام سمو الأمير المفدى بتسليم السيدة رؤية محبوب الرئيس التنفيذي لصندوق المواطن الرقمي من أفغانستان، جائزة منتدى الدوحة.