سموه في حوار مع طلبة جورجتاون
رئيس الجامعة:
"صباح الخير وأشكركم جميعا على حضوركم هنا في قاعة جستن، نشعر بالشرف حيال هذه الفرصة لنرحب بصاحب السمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بجامعة جورجتاون في هذا الصباح. صاحب السمو إنه لامتياز استثنائي أن نستضيفكم اليوم، وأنا أتطلع لحوارنا خلال لحظات من الآن. أود أن أغتنم هذه الفرصة لأرحب بالحضور الكرام الموجودين معنا هنا اليوم، وأتحدث عن السياق الذي جمعنا، وأعبر عن امتناني للسفارة القطرية والوفد القطري لإسهامهم في لقائنا اليوم، ولكم منا عظيم التقدير.
إننا نجتمع اليوم في قاعة جستن، التي شكلت في تاريخنا أحد أهم الأماكن الأساسية للخطاب العام والنقاشات في واشنطن. ومن خلال اجتماعنا اليوم مع قادة متميزين لا يمكننا اليوم إلاَّ أن نتذكر طبيعة التداخل التي تربطنا ومصالحنا المشتركة في القضايا الموجودة على المحك، وكذلك استثمارنا المشترك، وفهمنا واستجابتنا المشتركة للتحديات العالمية.
نحن ندرك أن عالمنا أكثر ترابطا من ذي قبل ونحن نعيش في وقت بفضل التقدم غير المسبوق في وسائل النقل والاتصال وتكنولوجيا المعلومات فإن الأمم أصبحت وبشكل متزايد تعتمد على بعضها البعض، وأصبحت الشعوب أكثر ترابطا. فالإنسانية لم تعد مقسمة بالجدران المحلية الضيقة أكثر من أي وقت مضى في التاريخ.
ولعل مثل هذا الترابط هو ما يجعل من جمعنا هذا على قدر كبير من الأهمية؛ كوننا نعيش في عالم كوني هذا يعني أساسا أننا مترابطين، وكيف نتواصل مع الفرص التي يتيحها هذا الترابط، وكيف نتعامل مع التحديات كذلك.
إن للجامعات إسهام خاص، وذلك من خلال الحوار الذي نعقده اليوم، وكذلك من خلال الشراكات التي نعقدها عبر العالم. في مطلع هذا الشهر حظيت بفرصة أن أكون في الدوحة مع زملائي من الجامعة لنحتفل بالذكرى العاشرة لافتتاح فرع جامعة جورجتاون في المدينة التعليمية. وفي هذا السياق حظيت بامتياز أن يكون معنا هنا أمير قطر ليتحدث إلينا بشأن القضايا المهمة لقطر ولعالمنا. وبصفته أحد القادة الأصغر سناً في العالم فقد بدأ الأمير في الحكم بعد أن سلمه والده عن الحكم، وقد أصبح أميرا في يونيو 2013. ومنذ ذلك الحين قدم دورا رياديا مهما في منطقة تتأثر بالاضطرابات، ودوره كولي عهد في السابق والآن كأمير فقد لعب دورا مهما في تعزيز مكانة قطر دولياً. وقد تقلد مناصب عليا في مجالات الأمن والاقتصاد وتولى مسؤولية تعزيز علاقات قطر مع دول المنطقة وبالتحديد مع الدول الكبرى فيها كالسعودية. في 2009 أصبح نائبا لقائد القوات المسلحة القطرية. كذلك لعب دورا مهما في صياغة إسهامات قطر لعالم الرياضة، وهو عضو في اللجنة الأولمبية الدولية، وكذلك رئيس للجنة الأولمبية القطرية ولعب دورا مهما في احتضان قطر لكأس العالم 2022.
هذه أول زيارة يقوم بها لواشنطن منذ تولي مسؤولياته كأمير، قابل الرئيس الأمريكي أوباما، وركز اللقاء على العلاقات القوية ذات الطابع الاقتصادي والتعليمي والتكنولوجي والعلمي والتي تتقاسمها أمتانا والالتزام كذلك فيما يتعلق بالقضايا الملحة في المنطقة سواء تعلق الأمر بالإرهاب أو التعامل مع الشباب العربي.
صاحب السمو نحن نشكرك على حضورك معنا هنا اليوم والآن سنبدأ حوارنا وبعد ذلك سنأخذ بعض الأسئلة من الحضور. لكنني في البداية سأبدأ بالأسئلة التي جهزتها أنا شخصيا. مجددا أشكركم جميعا على حضوركم معنا هنا اليوم، والآن سأتحدث مع صاحب السمو الشيخ تميم".
سمو الأمير:
"السيد الرئيس، موظفو الجامعة الأعزاء في البداية أود أن أشكركم على استضافتي. لقد بدأ هذا الأمر منذ أيام عند مقابلتنا في الدوحة، وعندها دعوتني لزيارة جامعة جورجتاون، وقد مثل ذلك شرفا لي. وسعيد أن أكون معكم.
دعوني أبدأ بتهنئتنا جميعا لأن جامعة جورجتاون تدخل عامها العاشر في الدوحة. كلنا ندرك أهمية أن تكون هذه الجامعة العريقة حاضرة في الشرق الأوسط، وبالأخص عندما نرى طلبتنا يتخرجون منها ويلعبون دورا كبيرا في بلدي وفي المنطقة، وأنا على ثقة من أن بعض الطلبة الحاضرين معنا هنا سيتقلدون مناصب عالية في هذا البلد أو في بلدانهم.
وكما ذكرتَ السيد الرئيس، لقد توليت مقاليد الحكم في البلاد منذ العام 2013، ومنطقتنا ليست مستقرة، وهناك الكثير من المشاكل التي تحدث حولنا ولكن بفضل الله فإن دولة قطر ودول منطقة الخليج تنعم بالاستقرار. وهذا لا يعني أننا يجب أن نتراخى وإنما يجب أن نبذل الكثير من العمل، ونحاول حل المشاكل حولنا.
إنني في هذا المنصب منذ 2013 وبفضل والدي حظيت بالكثير من النصائح والمساعدة، وبالرغم من ذلك فإن التعامل مع كل القضايا كان أمرا صعبا. وبعدما أصبحت أميرا بأربعة أيام حدث في مصر ما حدث في 30 يونيو، كنت أحد القادة الذين يتعين عليهم التعامل مع هذا الوضع، وإيجاد حل للوضع في مصر وكان الوضع صعبا وقد بذلت قصارى جهدي. لقد كان يفترض أن ألقي عليكم خطابا لكنني قررت أن أتحدث بشكل تلقائي على هذا النحو لأن ذلك أسهل بالنسبة لي وأعتقد أنه أسهل بالنسبة لكم. لا أود أن أخذ الكثير من وقتكم وأنا أتحدث عن ما قمت به، وأعرف أن بعضكم لديه أسئلة يطرحها وبما أننا في جامعة مهمة، أعتقد أنه علينا أن نركز على الدور الذي يلعبه الشباب في منطقتنا، لأن الشباب لعب دورا مهما في الربيع العربي والكثير من هؤلاء الشباب اندهشت عندما قابلتهم بعد اندلاع الثورات في مناطق مختلفة من البلدان التي وقفت في وجه الديكتاتوريات، كانوا أذكياء ولديهم رؤية رائعة لمستقبلهم. إذا يجب أن نحاول التحدث عن سبل مساعدتهم في المستقبل. أشكركم السيد الرئيس، ويشرفني التواجد معكم هنا."
رئيس الجامعة:
"أشكرك جزيل الشكر. لقد تمكنا من الحصول على بعض الأسئلة من الحضور، لقد مر على تواجدكم هنا ثلاثة أيام، لذا أود أن أتحدث أولا عن زيارتك الأولى بصفتك أميرا، أخبرنا عن اجتماعك بالرئيس باراك أوباما، وكيف جرت المناقشة؟ كيف ترى أهمية العلاقات التي تربط بلدك بالولايات المتحدة؟"
سمو الأمير:
"لقد كان اجتماعنا رائعا، وكان الرئيس رحب الصدر وتعجبني شخصيته التي يألفها المرء بسرعة، وكان اجتماعنا جيدا مع كافة المسؤولين هنا في واشنطن، وكانت هذه الزيارة مهمة بالنسبة لي، خاصة وأنها أول زيارة أقوم بها منذ تولي الحكم. تربطنا علاقات استراتيجية مع أمريكا، الناس يتحدثون كثيرا عن القضايا العسكرية والأمنية، وهناك قضايا أخرى يجب أن نتحدث عنها ونعززها كالعلاقات التعليمية، فنحن نحتضن في مدينة الدوحة جامعة جورجتاون وخمس جامعات مرموقة أخرى بالإضافة إلى معاهد أخرى.
كان الاجتماع جيدا بشكل عام وقد ناقشنا مواضيع عديدة، وبصراحة فقد ركزنا على المشاكل التي تعاني منها المنطقة بشكل خاص، ذلك أن المنطقة تشهد اضطرابات نتيجة للحركات الإرهابية والدكتاتوريات، وكذلك الحرب في سوريا والعراق والوضع في اليمن. وتركزت محادثاتنا بشكل خاص على هذه الدول، كما تحدثنا باقتضاب عن أهمية العلاقات التي تربط بلدينا، لكن بشكل عام أعتقد أن هذا الاجتماع جرى بشكل جيد."
رئيس الجامعة:
"الرئيس أوباما ليس أول رئيس دولة قابلته قبل مجيئك إلى أمريكا في الأيام الأخيرة، فقبل ذلك كنت في المملكة العربية السعودية وقابلت الملك سلمان. هلاَّ أخبرتنا عن ذلك الاجتماع؟ وكيف هي طبيعة العلاقات بين بلدك والمملكة العربية السعودية؟"
سمو الأمير:
"بالنسبة لنا كبلد صغير في منطقة الخليج، فإن المملكة العربية السعودية هي البلد الأهم الذي يتعين علينا أن نربط معه علاقات، وتربطنا علاقات تاريخية مع السعودية، وهي علاقات قوية للغاية وهي لا تزال قوية وستظل كذلك دائما، وسأحرص على أن تظل قوية.
كلنا نعرف أن هناك ضغطا كبيرا على السعودية على خلفية ما يجري في المنطقة، فالسعودية بلد كبير وتستطيع أن تتعامل مع هذا الضغط، ودورها يتمثل في محاولة حل المشاكل التي تعاني منها المنطقة. وأنا واثق من أن الملك سلمان ومساعديه وخصوصا الجيل الثاني منهم سيقومون بعمل رائع وأعرف أنهم سيبذلون قصارى جهدهم، ولكن يتعين علينا نحن أيضا أن نساعدهم حتى يتمكنوا من إحداث الاستقرار في المنطقة، لديهم مهمة كبيرة ولن يكون الأمر سهلا ولن يكون النجاح سهلا مع ما يجري حاليا، لكن الاجتماع سار بشكل جيد وأنا على ثقة أن الملك سلمان سيساعد في إحداث استقرار في المنطقة لكن الأمر سيكون صعبا للغاية."
رئيس الجامعة:
"باعتبار النمو والتنمية الحديثة الذي عرفها بلدكم تحت حكم والدك لكن وكما قلت في ملاحظاتي التمهيدية فإنكم لعبتم دورا مهما ومتزايدا خلال العقد الأخير. حدثنا عن هذا العقد الأخير وكيف فهمتم طبيعة مسؤوليتكم في المنطقة؟"
سمو الأمير:
"في البداية نبدأ بما قمنا به محليا وتحديدا فيما يتعلق بالإصلاحات. فقد ركزنا كثيرا على التعليم الذي نعتقد أنه هو ما يجب أن نستثمر فيه، فقد استدعينا ستًّا من أفضل الجامعات الأمريكية إلى الدوحة، وكذلك أجرينا إصلاحات كثيرة في نظامنا التعليمي في قطر، لدينا جامعة عظيمة "جامعة قطر" وهي بالرغم من أنها كانت جيدة، إلا أننا قمنا بتحسينات جديدة عليها. كذلك قمنا بإصلاحات كبيرة في بلدنا. فمنذ خمس عشرة سنة كنا قد بدأنا أولا بالانتخابات البلدية وكان ذلك حدثا مهما، ونظمت بشكل جيد وما زلنا ننظم هذه الانتخابات حتى الساعة. هناك أمور أخرى سنقوم بها مثلاً كمجلس شورى منتخب ونأمل أن يحدث ذلك قريبا، ولكن مازال هناك بعض القضايا القانونية واللوجستية التي يتعين علينا القيام بها، لكننا ملتزمون بتحقيق الأفضل لبلدنا. والدي أنجز الكثير لصالح بلدي، وأنا بالتأكيد لست مثله حتى لو حاولت أن أكون مثله فلن أتمكن من ذلك. يجب أن أستفيد من كافة الإنجازات التي حققها والدي وأحاول أن أضيف عليها. كل شخص مختلف عن الآخر. والدي قام بعمل رائع لمصلحة بلده والمنطقة، وأنا وبلدي فخورون به."
رئيس الجامعة:
"أحد التحديات المتعلقة بالحكم هو أن هناك بعض القضايا المتعلقة على المدى القصير وهناك بعض القضايا على المدى الطويل التي تتعلق بالتنمية والتي يجب أن تحظى بالاهتمام. كيف تفرقون حاليا بين التحديات الراهنة على المدى القصير وكيف تحدث التوازن بينها وبين الأسئلة الموجودة على المدى الطويل والتي يواجهها بلدكم؟"
سمو الأمير:
"أعتقد أننا على المدى القصير يجب أن نتعامل مع موضوع الأمن ذلك أنه مهم للغاية. لدينا تحديات كبيرة من بينها التحدي الاقتصادي، لكني أعتقد أن الأمن مهم باعتبار ما يحدث في منطقتنا. صحيح أننا بلد مستقر، لكن ما يحدث في اليمن ومصر وسوريا والعراق يؤثر علينا بشكل أو بآخر. وكلما طال أمد هذا الوضع كلما كان تأثيره علينا أكبر. هناك أيضا موضوع آخر مهم سنتعامل معه وندرك أنه سيشكل تحديا كبيرا في المستقبل وهو اعتمادنا على النفط كمصدر للدخل. لقد كان هذا تحديا، فلو عدنا إلى الماضي فمنذ مئة سنة كان بلدنا والبلدان المحيطة به تعتمد على بيع اللؤلؤ، لكن بعد أن اكتشف أصدقاؤنا اليابانيين نظام زراعة اللؤلؤ، انهار اقتصادنا وعانينا من المشاكل. وعندما جاء النفط بدأنا نتنفس من جديد. وفي السبعينيات عانينا من التراجع الحاد في أسعار النفط الذي كنا نعتمد عليه بشكل كلي، نفس الشيء حدث في الثمانينيات والتسعينيات والآن نشاهد تراجعا في أسعار النفط.
نعم نحن بلد غني لكن علينا أن نستفيد من تجارب الماضي التي وصلنا بفضلها إلى هذا المستوى. في منتصف التسعينيات حين تولى والدي مقاليد الحكم، كانت أسعار النفط تصل إلى ثمانية دولارات، وكنا نعاني من أجل إيجاد الأموال الكافية لدفع الرواتب. فالناس عادة يعتقدون أننا أصبحنا أثرياء، لكننا شهدنا أوقاتا صعبة. طريقة التعامل مع هذه القضايا هو عبر إيجاد مصادر أخرى بديلة للنفط. نعرف أننا لن نتعمد على النفط والغاز في يوم من الأيام متى سيكون ذلك؟ آمل أن لا يكون ذلك قريبا. لكنني لا أعرف متى سيحدث ذلك ويجب أن نبحث عن مصادر أخرى. وإحدى الأمور التي نقوم بها في هذا الصدد تتمثل في الاستثمار، ولدينا استثمارات متعددة وذلك لضمان أن الوضع على ما يرام، وكما سبق أن قلت فإن الاستثمار الأساسي الذي قمنا به هو الاستثمار في التعليم، هو التحدي، فالشباب هم الذين سيديرون البلد في المستقبل وسيحرصون على أن يظل اقتصادنا مستقرا."
رئيس الجامعة:
"عندما وصلت في مطلع هذا الأسبوع كان لديك مقالا في صحيفة نيويورك تايمز تحدثت فيه عن أن اليأس بين الشباب هو أحد الأسباب الجذرية للإرهاب. كيف ترى تمكين الشباب في المنطقة؟ الآن أعتقد أن هناك مئة مليون شاب بين 15 و29 عاما في العالم العربي. كيف تمكن الشباب وكيف ترى نفسك وبلدك كجزء من هذا الحل للشباب؟"
سمو الأمير:
"عادة عندما أتحدث أود أن أضرب أمثلة لأوضح الأمور للجميع. إذا رجعنا سنوات إلى الوراء عند اندلاع الربيع العربي، إذا تمعنا الأمر وعدنا إلى الوراء أربع سنوات، وقتها لم نكن نسمع عن هجمات أو حركات إرهابية وإنما كانت الأمور هادئة بشكل تام. فالشباب كان يتطلع إلى مستقبله وكان يحدوه الطموح بأن يكون مستقبله أفضل عند انخراطهم في الربيع العربي. المشكل الذي نواجهه حاليا هو الثورات المضادة كما نسميها وهناك من يسميها بتسميات أخرى. إذا لم تمنح فرصة لهؤلاء الشباب للمشاركة في السلطة وتقاسمها حسبما يرغبون حيث إنهم كانوا ينادون بالحرية والكرامة، وإذا لم نسمح لهم بالمشاركة وقمنا بسجنهم ولم نوفر لهم الوظائف، فإنهم سيصابون بما أسميه اليأس، وقتها سيبحثون عن أشياء أخرى. وعودة إلى الأمثلة، بعض هؤلاء الشباب الذين وقفوا في وجه الديكتاتوريات كانوا مسلمين معتدلين ويؤمنون بالتعايش والديمقراطية، لكن وبعد قيام الثورات المضادة بعضهم التحق للأسف بالمجموعات الإرهابية ونحن نعرفهم بأسمائهم ونعرف الأحزاب التي كانوا ينتمون إليها والتي لم تكن حتى أحزابا إسلامية. هذا ما قصدته باليأس والذي نعني به أنه علينا أن نمنحهم الأمل في المستقبل. لا أقول هذا لأني مسلم لكن يجب ألا نربط بين الإرهاب وديننا لأن الإرهاب لا دين له. وكافة الأديان عرفت حركات إرهابية في فترة ما من تاريخها، وبالتالي إذن يجب ألا نربط الإرهاب بديننا. لكن الأمل هو أهم شيء يتعين علينا أن نمنحه لشبابنا."
رئيس الجامعة:
"زيارتك تأتي في لحظة تركز فيها أمريكا على محاولة تحديد الاستجابة المناسبة للتهديدات في سوريا وبالأخص من تنظيم الدولة. هل زيارتك هنا إلى أمريكا تعطيك فكرة عن مقاربة قد تكون مفيدة لنا في محاولتنا التصدي لهذا التحدي في المستقبل؟"
سمو الأمير:
"فيما يتعلق بسوريا، وعندما تحدثت مع المسؤولين هنا قلت إنه علينا أن نحدد هذه الحركات الإرهابية ونحدد الأسباب الحقيقة الكامنة وراءها. عندما انتفض الشعب السوري ضد بشار الأسد مطالبا بالحرية والكرامة، ويمكنكم التقصي عن ذلك، كلهم كانوا شبابا يطالبون بالحرية والكرامة ولم تكن هناك أي حركات إرهابية. قلت من اليوم الأول إنه إذا لم يجد بشار الأسد حلاًّ لهذه المشكلة فإننا سنواجه حركات إرهابية وذلك لأن الطريقة التي كان يعامل بها شعبه وإقدامه على قتل شعبه من الشباب، فإن ذلك سيؤدي في غياب حل إلى وجود مجموعات إرهابية لا يستطيع أحد السيطرة عليها. الآن من المهم أن يفهم الناس كيف بدأ هذا الأمر في سوريا لقد كان السوريون يطالبون بالحرية والكرامة، حيث قام خمسة عشر أو اثني عشر طفلا في عمر اثني عشرة وثلاثة عشرة وأربعة عشرة سنة بكتابة ارحل يا بشار الأسد على الجدار فتم سجنهم وبعضهم اقتلعت أظافره وهؤلاء صبية. ماذا لو شاهد أحد منا طفله يعامل على هذا النحو فقط لأنه قام بعمل بسيط مثل الكتابة على الجدار ونقوم بمسامحة النظام ونطالب فقط بعودة أطفالنا إلينا. وبعد ذلك بأيام قليلة يبدأ النظام بقتل شعبه. فما الذي نتوقع أن يؤدي إليه هذا الواقع؟ سيؤدي إلى خلق حركات إرهابية مثل تلك التي نواجهها حاليا. كما قلت، وكما قلت لفخامة الرئيس الأمريكي، علينا فعلا أن نواجه هذه المجموعات الإرهابية التي تمثل تهديدا لنا وللآخرين، لكن علينا أن نعرف الأسباب التي أدت إلى ظهورها. وعلينا أن نتأكد أنه إذا كنا سنحارب هذه المجموعات فإنها لن تعود مجددا، لأننا إذا تخلينا عن ذلك لأي سبب، فإنهم سيعودون مجددا في المستقبل القريب. إذن فالمسألة صعبة لكن علينا أن نواجه أمرين معا، فهناك النظام الذي يقتل شعبه وهناك المجموعات الإرهابية. وللأسف عادة ما ينسى الناس الملايين الذين يجدون أنفسهم ما بين النظام والمجموعات الإرهابية والذين يطالبون بالحرية. هؤلاء هم المهمون الذين يجب أن ندعمهم في المستقبل. وهذه هي رؤيتي للوضع في سوريا."
رئيس الجامعة:
"هل لديك فكرة اليوم عن وجود إرادة واستراتيجية موحدة بدأت في الظهور في التعامل مع هذا الوضع؟"
سمو الأمير:
"صحيح هناك استراتيجية ودعني أكون واضحا معك فلا يجب أن نعتمد فقط على أمريكا، الدول العربية يجب أن تقوم بما عليها، وبعدها نطلب من أمريكا المساعدة لحل مشاكلنا إن كنا بحاجة إليها. المشكلة أننا دائما نلقي باللائمة على أمريكا. صحيح أنها اقترفت أخطاء وفي بعض الأحيان لدي رأي مختلف، لكن يجب أن نعتمد على أنفسنا كدول عربية. فلدينا القدرة بأن نتضامن مع بعضنا البعض لمواجهة هذه الحركات الإرهابية ولمساعدة الشعوب في الحصول على حريتها وبعدها يمكن أن نطلب مساعدة أمريكا.
ما سمعته من المسؤولين هنا هو أن النظام السوري فقد شرعيته وأنهم يشعرون بالقلق من الحركات الإرهابية. لكننا ننسى جميعا أنه هناك الملايين من الناس عالقون في الوسط وهم من يجب أن نراهن عليهم ونقدم لهم المساعدة."
رئيس الجامعة:
"لقد طلبنا من بعض الحضور أن يكتبوا أسئلتهم ولدي بعض من هذه الأسئلة. إذن دعني أطرح هذه الأسئلة.
أول سؤال يطرحه أحدهم من قطر: كيف يمكن أن نعمل من أجل أن نخرج من التغطية السلبية ونظهر للعالم أننا كأمة نحاول أن نحدث فرقا حسب رؤيتنا؟ ما هي السياسات الحكومية التي تسمح لنا بالقيام بهذا العمل؟"
سمو الأمير:
"هذا سؤال جيد. هناك بعض التغطيات السلبية في الإعلام حول قطر. وشخصيا وبصراحة ليست لدي أي مشكلة مع من ينتقدني أو ينتقدون سياساتنا فذلك لا يزعجنا، وهناك أصدقاء يقومون بذلك أيضا. لكن ما يؤلمني بالأحرى هو أن أرى الإعلام يغطي أشياء غير صحيحة عن بلدي. طريقة تعاملنا في الماضي تتمثل في عدم الرد وكنا نقول إن ما يقوله الإعلام غير حقيقي، وإنه محض هراء ولا نرد عليه لأن الناس يعرفون سياسة قطر، وهو أمر غير صحيح، ذلك لأن الناس يستمعون إلى الإعلام ويقرأون الصحف، وعلينا أن نذهب ونتحدث إلى الناس ونشرح لهم سياسات بلدنا سواء اتفقوا معنا أو اختلفوا، لكن يجب أن نشرح لهم سياساتنا وبعدها يستطيعون أن يحكموا بأنفسهم. وإذا أتحنا الفرصة للآخرين للكتابة باسمنا بالتأكيد ستقتنعون بما يقولونه، لأننا لسنا مسؤولون. لكن كما سألني أحد الطلبة القطريين الذين يعيشون هنا، وهو سؤال مهم، هو أننا نبذل قصارى جهدنا لإسماع صوتنا للإعلام ولأصدقائنا. أنا أعرف أنه لدينا الكثير من الأصدقاء، لكنهم يخبروننا أنهم لا يمكن أن يساعدوننا إن لم نكن نساعد أنفسنا. هذا هو السبب وراء مجيئي إلى هنا وإلى زيارة أصدقائي في واشنطن، وهذا هو السبب وراء مقابلتي للإعلام ولعقد هذا اللقاء مع الأساتذة والطلاب في جامعة جورجتاون لنتحدث عن سياستنا وفي نهاية المطاف لا شك أننا سوف نتفق ونختلف. لكنني أود أن تعرفوا مني ومن شعبي ما نقوم به على وجه التحديد. الإعلام يتحدث عن بعض الأشياء السلبية وليست لدي مشكلة مع ذلك، لكن عليكم أن تستمعوا إلى صوتنا، ووقتها تحكمون بأنفسكم على ما يقوله الناس عن قطر."
رئيس الجامعة:
"إلى كأس العالم في 2022. نحن لدينا برامج كرة القدم للرجال والنساء في جامعة جورجتاون رائعة وهي الأفضل في أمريكا لكن هذا ليس له علاقة بالسؤال.
إذن هناك بعض الجدل بهذا الخصوص لكن هذا الموضوع مهم جدا وأنتم تمضون إلى الأمام من خلال تقديم بلدكم للعالم.
أولا أخبرنا ما الذي يعنيه كأس العالم بالنسبة لكم؟
ثانيا كيف تدافعون عن بلدكم ضد المزاعم المتعلقة بالغش للحصول على استضافة كأس العالم؟"
سمو الأمير:
"كان هناك الكثير من الكلام عن تنظيم كأس العالم في قطر وحتى عن كؤوس العالم السابقة ومنحها لدولة دون أخرى. وأنتم تعرفون أهمية كرة القدم بشكل خاص والرياضة بشكل عام. نحن فخورون جدا باستضافة كأس العالم 2022. وأعتقد أن السبب الرئيسي وراء نجاحنا في استضافة هذا الحدث يتمثل في قناعتنا أن كأس العالم هو لكافة الدول العربية وليس لقطر فحسب، ولو أنها كانت لقطر لوحدها لما نجحنا في استضافتها. لقد قلنا إن كأس العالم للعرب جميعا ولهذا نجحنا ولقد مثل ذلك تحديا كبيرا.
أما بالنسبة للمزاعم فلن أجيب على كل أحد يود أن يقول شيئا عن قطر. هناك الاتحاد الدولي لكرة القدم وقد أجرى تحقيقا في كل شيء ومع الجميع، ومع جميع المسؤولين في قطر، ولم يجدوا شيئا يدين قطر.
ليس جيدا القول إن السباق لاستضافة كأس العالم 2022 كان بين قطر وأمريكا، وأعرف الناس هنا شعروا بالاستياء كيف أن بلدا صغيرا يستطيع أن يهزم هذا البلد العظيم. لكن يجب أن تتحلوا بالروح الرياضية وتؤمنوا أنكم قد تخسرون في بعض الأحيان. وأود أن أقول شيئا هنا ولا أدري إن كان أمرا مهذبا أم لا، بعد الفوز باستضافة كأس العالم وعندما كنت بصدد استقبال الوفد في المطار واقترب مني أحدهم وقال لي إن الرئيس أوباما قال إن كأس العالم لا يجب أن يذهب إلى قطر بل إلى أمريكا، ولا أدري هل فعلا قال ذلك أم لا، وأجبته بالقول: سامحه الله على قوله ذلك، وكان ذلك جوابي. لكنني أعتقد أن كأس العالم هذا مهم لبلدنا، وأنتم يتعين عليكم أن تدعموه لأنه يوحد العرب جميعا، فقد رأينا الأطفال في ليبيا ومصر وفي جميع أنحاء العالم العربي يبكون فرحا لأننا فزنا باستضافة كأس العالم، ونفس الشيء الذي سيفعله القطريون لو أن أي دولة عربية أخرى فازت باستضافة الكأس وبالتالي هو حدث مهم بالنسبة لنا."
رئيس الجامعة:
"والخطط في تقدم؟"
سمو الأمير:
"كل شيء على ما يرام".
رئيس الجامعة:
"سؤالي الثالث: باعتبار المشاحنة الأخيرة التي مرت بها العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي والصراع مع مصر تعرضت قطر لانتقادات بشأن التدخل في شؤون دول عربية أخرى. ما هو دور دولة قطر بالنسبة لك في منطقة الخليج والمنطقة العربية برمتها؟"
سمو الأمير:
"قطر تلعب دورا محوريا في مجلس التعاون الخليجي كما تلعب هذا الدور بقية دول المجلس. لقد وجه إلي هذا السؤال مرات عديدة. كانت لدينا رؤى مغايرة فيما يتعلق بمصر، ولكن كلنا نتفق على أهمية مصر ويجب أن تكون مستقرة، وأمر اختيار من يحكم مصر لا يتبع لي ولا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولا إلى دول مجلس التعاون الخليجي. فالشعب المصري هو المسؤول عن اختيار رئيسه. هناك حكومة، لدينا اختلافات معها لكن نتفق على أن تكون الحكومة مستقرة. إن هذه الحكومة يجب أن تساعد نفسها أولا بدل طلب المساعدة من الخارج، ثم يمكننا مساعدة المصريين. سياستنا أنه إذا كان هناك ما أستطيع فعله لاستقرار الوضع في مصر سأفعله. كان لدينا اختلافات مع بعض دول مجلس التعاون بما يخص مقاربتنا تجاه مصر، ولكننا لا نتدخل في مصر ولم يسبق لنا التدخل فيها. ولكن ما فعلناه حين انتخبت حكومة هناك وقفنا معها. وما حدث في الثلاثين من يونيو كان باعتقادنا خطأ، وكان باعتقادنا عمله بطريقة مختلفة لكن الطريقة التي حدث فيها كانت خاطئة. كان هذا في الماضي وعلينا النظر إلى المستقبل ماذا ستفعل هذه الحكومة ؟ وفي النهاية نحن هناك إذا كانت هناك أية مساعدة نستطيع أن نقدمها وسنكون سعداء أن نقدمها بل واجبنا أن نفعل."
رئيس الجامعة:
"نحن نعرف أن محطة توقفكم الأخيرة في واشنطن وهذا سيكون سؤالي الأخير في هذا الصباح.
أولا أشكرك على دعم اللغة العربية في كافة برامجنا في مدرسة الميثاق اللاتيني في واشنطن.
ما هي رؤيتكم فيما يتعلق بالتعليم والتبادل الثقافي في قطر؟ ما هو دور تعليم اللغة العربي؟ ما الذي تودون من الطلاب الأمريكيين تعلمه عن قطر والثقافة القطرية؟"
سمو الأمير:
"أولا وقبل كل شيء أنا سبّاق دائما لتقديم الدعم لكل شيء يسهم في دعم اللغة العربية. ونحن سنظل سعداء بتقديم الدعم لهذه اللغة العظيمة.
وما أود ان يتعلمه الناس حول ثقافة بلدي والتي هي جزء من ثقافة شبه الجزيرة العربية وهي ثقافة عظيمة. وعندما نتعلم اللغة فإننا سنعرف الثقافة بشكل أعمق.
وفيما يتعلق باللغة العربية يحضرني أمر مهم للغاية فقد عملت شخصيا بشأنه مع طاقمي في الدوحة وهو أن بعض الفصول في المدارس والجامعات كانت تدرس باللغة الإنجليزية، ولقد قلت إنه لدينا لغة عظيمة ومهمة وهناك دول كثيرة عبر العالم تدرس كل مقرراتها بلغاتها، وبالتالي لماذا لا ندرس نحن باللغة العربية؟ وكان هناك نقاش كبير حول هذا الموضوع، وقد نجحنا حاليا في أن نجعل كافة الفصول تدرس باللغة العربية. إذن هذه هي نظرتي إلى اللغة العربية فهي لغة مهمة للغاية، ونأمل أن نقدم أي مساعدة نستطيع تقديمها لتمكين الأمريكيين من تعلم اللغة العربية."
رئيس الجامعة:
"هذا كان سؤالي الأخير وأشكرك على الحضور معنا هنا اليوم وأتمنى لك الأفضل فيما يتعلق بزيارتكم للولايات المتحدة الأمريكية، كما أعبر عن خالص شكري للحضور الكريم."