مقابلة سموه مع صحيفة التايمز الهندية
أكد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على عمق العلاقات التاريخية مع جمهورية الهند وأهمية تطوير هذه العلاقة الجيدة إلى ما هو أبعد من مجال الارتباط بالغاز، إلى مجالات الأعمال والاستثمار، خاصة وأن للحكومة الهندية الجديدة مبادرات عدة في هذا القطاع.
وقال سموه في حوار صحفي مع صحيفة (تايمز أوف إنديا) -نشر يوم 25 مارس 2015 خلال زيارة سموه الرسيمة لجمهورية الهند- إن قطر تعتزم الاستثمار ضمن سياسة استثمارية منفتحة على كافة المجالات، مشيرا سموه إلى أن مناقشاته مع الحكومة الهندية ستتناول الأوضاع الحالية في المنطقة في ظل تغير الحكومات ووجود مشاكل بسبب الحركات الإرهابية، حيث إنه من المهم بالنسبة للحكومة الهندية فهم ما نشعر به وما يجري، خاصة مع وجود حوالي سبعة ملايين هندي يعيشون في المنطقة، حوالي 631 ألفا (ستمائة وواحد وثلاثين ألفا) منهم يعملون في قطر عمالا وأطباء ومهندسين وغيرهم، ساعدوا في تنمية قطر لعدة سنوات.
وأضاف أنه بالرغم من أن دول الخليج مستقرة، إلا أن القرب من أماكن الاضطرابات في سوريا والعراق واليمن، كلما طال أمدها، فإن ذلك سوف يؤثر على منطقتنا لذا يجب إيجاد الحلول السياسية السلمية كونها المخرج الوحيد والأمثل.
وعن الوضع في سوريا قال سموه إن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو الحل السلمي ولكن من دون (الأسد) حيث إنه يقوم بقتل شعبه، موضحا بأنه في الأيام الأولى للانتفاضة لم يكن الشعب يريد إسقاط النظام إنما الاستمرار ضمن الحصول على بعض الإصلاحات والكرامة.
إلا أنه بدأ بقتل المتظاهرين ومن ثم مواجهتهم بالأسلحة الكيماوية والقنابل. معبراً عن أنه لا يتفق مع النهج الذي لا يرى سوى حركات إرهابية في مواجهة النظام. فهناك الملايين من الشعب ممن لا ينتمون للطرفين، ولقد نمت بعض الحركات الإرهابية بسبب بيئة القتل هناك.
ونوه سمو الأمير خلال حديثه مع الصحيفة الهندية إلى أهمية الاستماع من الجميع فيما يتعلق بالحركات الإرهابية في المنطقة وليس من الغرب فقط، موضحا أنه عندما بدأ الربيع العربي لم نكن نسمع عن حركات إرهابية إنما كان هناك أمل كبير لنيل الحرية والكرامة والمساواة.
ولكن عندما بدأت الأمور تصبح دموية في سوريا وغيرها من البلدان، بدأت تظهر جماعات إرهابية أخرى، لذا يجب أن يحدد السبب الحقيقي لذلك ولا علاقة لهذا بالدين، فكل دين يعاني من إرهابيين ومتطرفين.
فقد كانت هناك حركات إرهابية في السابق وكان الجميع يحاربها حيث تم تحقيق بعض النجاح، ثم جاءت مجموعات إرهابية أخرى، أكثر قوة ودموية ووحشية. وعلينا أن نعرف السبب الرئيسي لذلك، مبينا سموه بأن السبيل الوحيد للخروج من هذا هو وجود عملية سياسية وحرية للناس للمشاركة في صنع مستقبلهم.
وفي سؤال عن الإرهاب وتغذيته الصراعات الطائفية في المنطقة وهو الأمر الذي يقلق الهند كذلك، قال سموه إن هذا بدأ أساسا بعد غزو العراق عام 2003، فقبل ذلك لم نكن نسمع الكثير عن الصراعات الطائفية بين المسلمين، مشيرا إلى مدى حساسية الأمر في الهند، وأهمية الهوية الوطنية في استبعاد الطائفية، وأمله في استمرار هذا المسار لأنه في النهاية يجب علينا جميعا أن نتعايش مع بعضنا البعض.
وعن الوضع في المنطقة في حال التوصل لاتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة أوضح سموه بأن إيران دولة مهمة وينبغي أن يكون هناك اتفاق بينها وبين الغرب بخصوص ملفها النووي، ولكن يجب أن نكون منصفين للجميع فليس هناك طريقة لوقف هذا السباق إلا عن طريق الحفاظ على المنطقة خالية من الأسلحة النووية، وقال: “وأعني المنطقة بأسرها، بما في ذلك إسرائيل، بالطبع”.
وبخصوص احتمال تطوير المملكة العربية السعودية لأسلحة نووية مع باكستان خاصة في أعقاب التوصل لصفقة نووية بين الولايات المتحدة وإيران أجاب سموه بأنه غير متأكد من هذه المعلومات مضيفا بأن المملكة العربية السعودية تلعب دورا هاما في المنطقة، وهم معنيون بأمنها واستقرارها، مؤكدا على إيمان قطر بأن القيادة السعودية تستطيع مواصلة القيام بدور يؤدي إلى استقرار المنطقة رغم الاضطرابات الحالية التي تواجهها.
وأشار سموه إلى أن القيادة السعودية مهتمة بالتوصل إلى حل سلمي بين الغرب وإيران، وبوصفها البلد الرئيسي في هذه المنطقة لديها الحق في التحقق من أي اتفاق والتأكد من أنه لا يتعارض مع مصالح المنطقة كلها.
وبيّن سموه أن دولة قطر مستمرة في الاضطلاع بدور الوساطة ومحادثات المصالحة مع طالبان لتحقيق السلام في المنطقة، خاصة مع التطور الذي تم في هذا الملف مقارنة بما كان عليه الوضع قبل ثلاثة أعوام وأنه يجب التحرك فيه بشكل أسرع.
وقال سموه في رد على سؤال متعلق بتقارير إعلامية تزعم تمويل قطريين لجماعات إرهابية: “إن البعض يتحدث عن قطر بشكل سلبي وينشر شائعات مغرضة عنها، إن تمويل الإرهاب يمكن أن يحدث في جميع البلدان، بما فيها البلدان الغربية”.
وفي قطر أكد سموه وجود قوانين تمنع تمويل الحركات الإرهابية ومعاقبة أي شخص يفعل ذلك، مشيرا إلى أنه أحيانا؛ الناس تفعل ذلك ليس بقصد دعم الإرهاب، بل لمساعدة إخوانهم في سوريا والعراق. وأحيانا يذهب المال إلى الأشخاص الخطأ، وإنه من الصعب جدا بالنسبة للبعض معرفة من الذي يمول الإرهابيين.
بالنسبة لسوريا والعراق فإن معظم الأسلحة هناك هي من الغرب، مبينا سموه بأنه لا يعرف من الذى يقوم بالتمويل، لكن في بعض الأحيان يكون من الصعب منع وقوعها في الأيدي الخطأ.
وعن استعداد قطر لاستضافة كأس العالم، خاصة وأن هناك كثيرا من الهنود الذين سيسافرون لمشاهدة المباريات، أجاب سموه بتوقعه حضور عشرات الآلاف من الهنود في مباريات كأس العالم.
أما عن التصدي للانتقادات الإعلامية السلبية حول العمالة الوافدة، فقال سموه: “إن قطر بلد من بلدان العالم الثالث، وفي منطقة الشرق الأوسط، وبلد مسلم، وهنالك أشخاص ضد تلك الأشياء الثلاثة”.
وأضاف: “إننا بلد صغير جدا، ولكن استطعنا أن نفوز بتنظيم كأس العالم لأننا نمثل العالم العربي في هذه المنافسة ونحن نعني ذلك، إنه شيء تتطلع إليه المنطقة بأسرها”.
وأشار سموه إلى أن أي بلد يستضيف فعالية كبيرة قد يواجه حملات إعلامية مغرضة وتغطية صحفية سيئة، مؤكدا على أن كثيرا مما ذكر عن قطر كان خطأ وأن البعض منه كان صحيحا، فجدية تناول موضوع العمالة والصرامة تجاه تطبيق قوانين العمل تم بالفعل، حيث وضعت شركات كبرى في القائمة السوداء لأنها لا تعمل وفق القانون، وقد أصبحت الأمور أفضل.
وعن الملاعب المكيفة أوضح سموه أنه حتى في ظل تغيير موعد استضافة البطولة إلى فصل الشتاء فإنه سيتم إنشاؤها حيث إن قطر في حاجة إليها من أجل الدوري والمنافسات المحلية في المستقبل.