مقابلة سموه مع "أمانبور" على قناة CNN
أكد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على أن مشاركة دولة قطر في العمل العسكري ضد التنظيمات الإرهابية تأتي نظرا لإيمان قطر بوجوب مواجهة الإرهاب.
وقال سموه -في مقابلة مع كريستيان أمانبور على شبكة سي أن أن الأمريكية- إن العملية العسكرية ضد هذه التنظيمات الإرهابية ستستمر لفترة من الزمن.
وأضاف: "يجب مكافحة الإرهاب، لكنني أعتبر أن السبب في كل ما يحصل هو النظام في سوريا وأنه يجب معاقبة هذا النظام. لقد مضت على هذه الحرب أكثر من ثلاث سنوات، إن البيئة التي يعيش فيها الشعب السوري هي التي خلقت هذا العنف. لقد قلنا منذ اليوم الأول إنه يجب وقف سفك الدماء في سوريا ومنع بشار من ارتكاب إبادة جماعية ضد شعبه. غير أن الشعب السوري الذي يطالب بحريته بات يعيش بين نظام وحشي وأعمال إرهابية"، معبرا سموه عن اعتقاده بأنه يجب حل المسألة ككل، حيث قال: "إذا كان البعض يرى أن بالإمكان التخلص من الحركات الإرهابية وترك هذا النظام يستمر في القيام بما يقوم به حاليا، أعتقد أن الحركات الإرهابية ستعود مجددا".
وعن سؤال حول إمكانية مشاركة قطر في العملية العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية أو قصف أهداف تابعة لنظام الأسد أجاب سمو الأمير "بأنه لا يمكن لقطر أن تقوم بذلك وحدها بالطبع؛ لكن إذا كان هناك تحالف لمساعدة وحماية الشعب السوري فسيتم الانضمام إليه"، وقال: "كما تعلمين كنا جزءا من تحالف ساعد في تحرير الشعب الليبي. سننضم إلى تحالف كهذا لأننا نؤمن أن النظام السوري هو من تسبَّب بكل هذه الفوضى". وبين سمو الأمير بأن الحركات الإرهابية تشكل تهديدا في جميع أنحاء العالم ليس تجاه قطر أو التحالف فقط، إنما أي بلد مستقر مهدَّد، ونحن نأخذ ذلك على محمل الجد، فالإرهاب غير مقبول لا في ثقافتنا ولا في ديننا.
وحول المزاعم التي تدعي بأن قطر تمول الجماعات الإرهابية، أوضح سمو الأمير أنه يجب التمييز بين هذه الحركات لأنه في الولايات المتحدة وفي بلدان أخرى يعتبرون بعض الحركات إرهابية "وفي منطقتنا لا نعتبرها كذلك"، مضيفا "أما إذا كان الحديث عن حركات معينة وخصوصا في سوريا والعراق فالجميع يعتبرها حركات إرهابية ولا يمكن القبول أو السماح لأحد بتمويلها فهناك اختلافات بين البلدان في موضوع التمييز بين المجموعات الإرهابية والمجموعات الإسلامية التي لا نعتبرها إرهابية، مثل مجموعات في سوريا وليبيا ومصر".
واستطرد سموه قائلا: "في بعض البلدان، تُعتبر أي مجموعة ذات خلفية إسلامية مجموعة إرهابية، ونحن لا نقبل بذلك. كل ذلك مردّه أسباب سياسية. لكن هناك أشخاص في سوريا والعراق وفي أي بلد عربي آخر لا يؤمنون بحرية التعبير ولا يؤمنون بالعيش مع الآخر وتقبُّل الآخر، ولا يقبلون بخيار شعبهم، هؤلاء الأشخاص نحن لا نمولهم. في ما عدا ذلك أعتقد أن بعض البلدان سترتكب خطأ كبيرا إذا ما اعتبرت أي حركة إسلامية تختلف معها أيديولوجيا، حركة متطرفة. والمتطرفون معروفون والمجموعات المتطرفة معروفة جيدا لدى الجميع".
وحول وجود بعض الخلافات مع بعض الشركاء في التحالف فيما يتعلق مثلا بجماعة الإخوان المسلمين وكذلك حركة حماس، أوضح سمو الأمير أن هناك خلافات مع بعض البلدان الشقيقة والمجاورة حيث سادت حالة من الضبابية في بداية الربيع العربي بالنسبة إلى الجميع وبخاصة في المنطقة لأن التطورات كانت تجري في بلدان مجاورة والجميع خطا خطوات مختلفة في السياسة الخارجية وقد اتبعت قطر السياسية الخارجية الصائبة من منظورها حينها وهي المساعدة والوقوف إلى جانب الشعوب العربية التي تطالب بحريّتها وكرامتها، مشيرا إلى الانتخابات المصرية التي انتخب فيها الشعب حكومتَه، وكان قد انتخب حينها الإخوان المسلمين.
وأشار سمو الأمير المفدى في هذا الصدد إلى أن دولة قطر قدمت المساعدة إلى الحكومة العسكرية المصرية قبل الإخوان المسلمين وبعد تنحي الرئيس حسني مبارك مباشرة وأن ما يدعيه البعض بدعم الإخوان المسلمين غير صحيح فالدعم الذي قدمته قطر كان للحكومات المصرية المتعاقبة وما زال مستمرا لذلك فالأمر لا علاقة له بالإخوان المسلمين.
وحول سؤال عن وجود عدد من قيادات تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في قطر، أجاب سموه بأنه بعد ما حدث في مصر قبل عام، جعل العديد من قياديي الإخوان المسلمين يأتون إلى قطر لأنهم كانوا مهددين وخائفين، وهم في أمان وموضع ترحيب في قطر طالما أنهم لا يمارسون أي نشاط سياسي ومازال البعض موجودا والبعض الآخر منهم غادر البلاد لأنهم يؤمنون بأنه آن الأوان لممارسة العمل السياسي، وهم مدركون أن قواعد بقائهم في قطر تمنعهم من ممارسة أي نشاط سياسي ضد أي بلد عربي آخر.
وشدد سمو أمير البلاد المفدى على أن دولة قطر تدعم كل الشعب الفلسطيني، وقال سموه: "نحن نؤمن بأن حماس هي مكوِّن هام من الشعب الفلسطيني. لدينا خلافات مع أصدقاء يعتبرونها مجموعة إرهابية، نحن لا نعتبرها كذلك، وقبل 10 سنوات طلب منا الأمريكيون التحدث إلى حماس لحثها على المشاركة في الانتخابات الفلسطينية، وكان سمو الأمير الوالد قد قال لقياديي حماس آنذاك إن الأمريكيين طلبوا أن تشاركوا في الانتخابات المقبلة، وكان ردهم أننا سنشارك، ولكن هل تعتقد أن المجتمع الدولي سيقبل بنا؟ فقال والدي أجل، لأن الأمريكيين تمنوا علي أن أطلب منكم المشاركة.. وشاركوا".
وعن الفرق بين حركة حماس قبل 10 سنوات وحركة حماس اليوم، قال حضرة صاحب السمو: "أعتقد أن الفرق هو أن حماس باتت اليوم أكثر واقعية، فهي تؤمن بالسلام وتريد السلام، ولكن على الطرف الآخر أن يؤمن بالسلام، وأن يكون واقعيا أكثر".
وحول العلاقات القطرية الإسرائيلية قال سموه: "إننا نؤمن بالسلام. منذ عامي 1991 و1993 ومنذ عملية أوسلو وما بعدها ساعدنا كثيرا في التقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إن الحرب في غزة قبل سنوات والعدد الكبير من القتلى والأبرياء الذين سقطوا دفعانا إلى قطع علاقاتنا الرسمية مع إسرائيل، ولكن في المقابل نحن نؤمن بأن الطريقة الوحيدة للخروج من هذا الوضع هي التوصل إلى السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. علينا الضغط على الجانبين للتوصل إلى السلام".
وأضاف سمو أمير البلاد المفدى: "لا مشكلة لدينا في إعادة هذه العلاقة مع الإسرائيليين طالما أنهم جادون في السعي إلى السلام وفي حماية الشعب الفلسطيني".
وعن استراتيجية دولة قطر في السياسة الخارجية، قال سموه: "نؤمن بالسلام والحوار ونمنح المساعدات ونقوم بالوساطة بين الدول لحل المشاكل. ونجحنا في ذلك.. وهذا ما سأسعى إلى التركيز عليه. لست مع طرف ضد آخر. لدينا طريقة تفكيرنا الخاصة بنا في السياسة الخارجية وعلى الآخرين احترام ذلك".
وأضاف سموه "أن سياسة صاحب السمو الأمير الوالد هي الأفضل لقطر وخاصة فيما يتعلق بالحوار وتسوية المشاكل والوساطة وهذه ستكون سياستي. بالطبع لا نعلم ما قد يطرأ في المستقبل".
وردا على سؤال بشأن إمكانية التوصل إلى حل تفاوضي في سوريا، قال سموه: "هدفنا حماية ومساعدة الشعب السوري. كانت انطلاقة الثورة سلمية في سوريا في الأشهر الثلاثة الأولى إلا أن النظام بدأ القتل والمجازر في حق شعبه، وعندها دعونا إلى حماية الشعب السوري ولو بتوفير السلاح له من أجل حماية نفسه، وأنه ما لم نقم بذلك ستحصل مجازر أخرى في سوريا، هذه الطريقة الوحيدة التي يمكن فيها مساعدة الشعب السوري".
وبشأن استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، قال سمو الأمير المفدى: "لدينا كل الحق كبلد عربي ومسلم في تنظيم بطولة كهذه. على الجميع أن يفهم أن عرض قطر كان الأفضل وأنها ستنظم إحدى أفضل البطولات. وأنا على يقين من ذلك. لقد واجهنا عروضا تقدمت بها دول كبرى، ومن الطبيعي أن يتفاجأ البعض بأن يفوز بلد صغير بتنظيم هذه البطولة". وأضاف سموه "بالنسبة إلى العمال.. صحيح، لدينا مشاكل ونحن نعمل على حلها، ونحن نطبق القوانين. وأنا شخصيا لا أقبل أن أرى عمالا فقراء يأتون من بلدان أخرى إلى بلدنا للمساعدة في تطويره، وهم يعيشون في بيئة غير مواتية لهم، فاقتصادنا يشهد نموا متسارعا ومئات الآلاف من العمال يأتون طلبا للعمل. هناك الكثير من القوانين التي تخضع للتطوير. لا أنا ولا أي قطري يقبل بما حصل. ولكن ما يحصل الآن هو أن كل الإعلام العالمي يسلط الضوء على قطر بسبب كأس العالم. إذا كان الإعلام يريد أن يتكلم عن هذه المشاكل فليتكلم أيضا عن تلك القوانين التي نحن نعمل على تطويرها وتطبيقها".
وبشأن إمكانية القبول بإقامة بطولة كأس العالم في الشتاء، قال سمو الأمير المفدى: "قُدم عرضنا على أساس تنظيم البطولة في الصيف. لدينا الآن تكنولوجيا جديدة وبنينا ملاعب مكيفة نستخدمها منذ 10 سنوات وهي فعالة ويمكن الاعتماد عليها. المناخ بالنسبة إلى اللاعبين والمتفرجين سيكون ممتازا. لقد جربنا ذلك والحر ليس مشكلة، أقبل باختيار أفضل وقت للبطولة من حيث المناخ، والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) هو من يقرر موعد إجرائها ونحن سنحتاج إلى هذه التكنولوجيا سواء أجريت البطولة في الصيف أو في الشتاء".