سمو الأمير يشارك في القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية
شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مع إخوانه أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي رؤساء الدول ورؤساء الوفود، في القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، التي عقدت اليوم في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.
حضر القمة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وأصحاب السعادة أعضاء الوفد الرسمي المرافق لسمو الأمير، وأصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب المعالي والسعادة أعضاء الوفود الرسمية المرافقة، وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية وضيوف القمة.
والقى سمو الأمير المفدى كلمة فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
في البداية أتقدم بالشكر على الجهود المباركة للمملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وأخي سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، لهذه القمة التي تأتي في وقت حاسم في تاريخ منطقتنا.
تنعقد قمتنا اليوم وأشقاؤنا الفلسطينيون في قطاع غزة يمرون بما لا طاقة للبشر على تحمله من فظائع آلة الحرب الإسرائيلية. وقد فشل المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية واتخاذ ما من شأنه إيقاف جرائم الحرب والمجازر المرتكبة باسم الدفاع عن النفس، ووضع حد لهذه الحرب العدوانية.
وإذ تنفطر قلوبنا ألماً لمشاهد قتل الأطفال والنساء والشيوخ بالجملة، والمعاناة الإنسانية، نتساءل إلى متى سيبقى المجتمع الدولي يعامل إسرائيل وكأنها فوق القانون الدولي، وإلى متى سيسمح لها بضرب كافة القوانين الدولية عرض الحائط في حربها الشعواء التي لا تنتهي على سكان البلاد الأصليين؟
ما يحدث في غزة يشكل خطراً على كافة المستويات، فثمة سوابق تسجل حتى على مستوى الحروب العدوانية. كيف أصبح قصف المستشفيات أمراً عادياً؟ يتم إنكاره واتهام الضحايا بداية، ثم يبرر بوجود أنفاق تحتها، ثم يصبح أمراً لا حاجة لتبريره بعد تبلد المشاعر وتعوُّد الأعينِ على مشاهدة المآسي. هذه أمور غير مسبوقة. وجدنا في هذه الحرب أو قبل هذه الحرب أثناء حصار غزة ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات المناعة لدى بعض الدول التي تدعي حماية القانون الدولي والنظام العالمي حيث رأينا مناعتهم تجاه مناظر القتل العشوائي للمدنيين الفلسطينيين سواء كانوا أطفال أو نساء وكذلك قصف المستشفيات والملاجئ أصبحت لا تؤثر فيهم، ووصلت معدلات المناعة لديهم إلى رؤية جثث الأبرياء وهي تنهشها الكلاب لا تحرك لتلك الدول ساكناً، سبحان الله قوة المناعة فقط على أشقائنا الفلسطينيين.
النظام الدولي يخذل نفسه قبل أن يخذلنا حين يسمح بتبريرها. من كان يتخيل أن المستشفيات سوف تقصف علناً في القرن الحادي والعشرين، وأن عائلات بأكملها ستمسح من السجلات بالقصف العشوائي لأحياء سكنية ومخيمات لاجئين، وأن شعباً بأكمله سيجبر على النزوح قسرياً بوجود مخططات مستنكرة ومرفوضة لتهجيره، وكل ذلك على مرأى ومسمع العالم. ويرافق ذلك تصريحات عنصرية سافرة لقادة إسرائيليين لا يستنكرها قادة الدول الحليفة لهم.
إن دولة قطر ثابتة في موقفها التاريخي الداعم لصمود الشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته العادلة. ونستمر مع شركائنا في المنطقة والمجتمع الدولي في تقديم العون الإنساني والعمل على سرعة وصوله إلى محتاجيه مع التعنت الإسرائيلي المستمر في إعاقته، ونطالب في هذا الصدد بفتح المعابر الإنسانية الآمنة بشكل دائم لإيصال المساعدات للمتضررين والمنكوبين دون أي عوائق أو شروط، ونرفض رفضاً قاطعاً استخدام التعسف في إتاحة المساعدات الإنسانية والتهديد بقصفها كوسيلة للضغط والابتزاز السياسي، ونشدد على ضرورة وصول هذه المساعدات لكافة أنحاء قطاع غزة. وهذا كله أضعف الإيمان وأقل ما يمكننا جميعاً عمله.
كما أننا ماضون في دعم كافة الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية لخفض التصعيد وحقن الدماء وحماية المدنيين، بما في ذلك بذل الجهود في الوساطة الإنسانية لإطلاق سراح الرهائن، ونأمل في التوصل إلى هدنة إنسانية في القريب العاجل تجنب القطاع تفاقم الكارثة الإنسانية التي حلت به.
ونعيد التأكيد على موقفنا الثابت من إدانة كافة أشكال استهداف المدنيين أياً كانت خلفياتهم العرقية أو الدينية أو الوطنية. كما ندين بأشد العبارات استهداف المنشآت الصحية والتعليمية وتبرير ذلك بادعاءات غير مثبتة، ونطالب في هذا السياق، أن توفد الأمم المتحدة طواقم دولية لتحقيق فوري حول المزاعم والادعاءات الإسرائيلية التي تستخدم لاستباحة قصف المستشفيات؛ هذا، مع أنه لا شيء يمكن أن يبرر مثل هذه الجريمة.
السادة الكرام،
تعرفون جميعاً موقف شعوبنا ومشاعرها مما يجري، ولا حاجة للإسهاب في الأمر. ولا يجوز أن يكون الاختلاف حول هذه القضية أو تلك مبرراً للاختلاف بشأن اتخاذ موقف حازم من الجريمة المتواصلة في غزة، ولا يجوز الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار، بل علينا اتخاذ خطوات رادعة لوقف جريمة الحرب المتواصلة، بحيث تظهر أيضاً ثقل ووزن الدول الإسلامية. فمواصلة إسرائيل عدوانها وارتكاب جرائم الإبادة بهذا الاستهتار لا يلحق الضرر بالأمن القومي العربي والإسلامي فحسب، بل أيضاً بالأمن الوطني لدولنا.
وختاماً، نشدد على أن الحل الوحيد والمستدام لهذه القضية هو الذي يرسي أسس العدل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وهو الحل الذي نادى به المجتمع الدولي، والذي نتمسك به إيماناً منا بحق الشعب الفلسطيني في أن ينعم بالخير والرفاه وحق تقرير المصير في دولته المستقلة، ولأننا نؤمن أن الخطط الإسرائيلية لما بعد الحرب الإجرامية هي تكرار لسياساتها الاستعمارية التي أفشلت جميع مبادرات السلام وحتى الاتفاقيات وقادت إلى جميع هذه الأزمات. والأساس أنها ترفض الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، ولا تفكر إلا بترتيبات أمنية مع مواصلة عقلية المستعمِر وممارساته تجاه السكان الأصليين. وإن عدم إلزام المجتمع الدولي لإسرائيل بوقف الجريمة الجارية الآن أثناء انعقاد اجتماعنا هذا هو رخصة للإمعان في هذا النهج الكارثي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة