سمو الأمير يفتتح القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز
تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فشمل برعايته الكريمة افتتاح القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز المنعقدة تحت شعار " الغاز الطبيعي: رسم مستقبل الطاقة " بفندق شيراتون الدوحة صباح اليوم.
حضر الافتتاح كل من فخامة الرئيس عبدالمجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، فخامة الرئيس ابراهيم رئيسي رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية، وفخامة الرئيس فيلب نيوسي رئيس جمهورية موزمبيق، وفخامة الرئيس تيودورو أوبيانغ انغويما امباسوغو رئيس جمهورية غينيا الاستوائية، ودولة السيد عبدالحميد محمد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية بدولة ليبيا، ودولة الدكتور كيث رولي رئيس وزراء ترينيداد وتوباغو، وعدد من أصحاب السعادة الوزراء ورؤساء وفود الدول الشقيقة والصديقة.
كما حضره أيضا عدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة، وكبار المسؤولين ورجال الأعمال وصناع القرار في مجال الاقتصاد والطاقة وممثلي المؤسسات والشركات العالمية وضيوف القمة.
وألقى سمو الأمير المفدى كلمة بهذه المناسبة فيما يلي نصها:
أصـحـاب الـفخامـة والمـعـالـي والـسـعـادة
رؤسـاء وأعـضـاء الـوفـود،
ضيـوفـنـا الكـرام أعـضـاء وفـود الـدول المـراقـبـة،
في افتتاح أعمال القمة السادسة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز، يطيب لي أن أرحب بكم في قطر، داعياً الله أن تُكلل أعمالنا بالنجاح والتوفيق.
تنعقد قمتنا اليوم وسط التحديات التي ما زالت تفرضها جائحة فيروس كورونا منذ ما يزيد على العامين، تاركة بصماتها على مختلف مناحي الحياة البشرية حول العالم.
وبينما نعمل جميعاً على مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة، فقد ظهر جليّاً أن المرونة والتعاون الدولي ما زالا من العوامل الهامة في تحويل التحديات إلى فرص، وفي الانتقال إلى وضع طبيعي جديد يضمن استمرار النمو والازدهار الذي يسعى الجميع لتحقيقه.
لقد شكلت هذه الجائحة عاملاً داعماً لتجديد الحوار العالمي حول التحديات التي تواجه الإنسانية جمعاء، ومنها التغير المناخي والتحول إلى طاقة منخفضة الكربون.
وقد أتاح هذا الحوار فرصة لإبراز الدور المركزي للغاز الطبيعي في تحول الطاقة المنشود، وفي البحث عن مصدر موثوق للطاقة يوفر التوازن الصحيح بين تحقيق النمو الاقتصادي والتعامل مع التحديات البيئية، إضافة إلى الفرص الثمينة التي يقدمها نحو التعافي الاقتصادي في حقبة ما بعد جائحة كورونا.
الحـضـور الـكـرام،
الـسـيـدات والـسـادة،
لقد شهد العالم خلال العقدين الماضيين تغيراً كبيراً في خارطة الطاقة، احتل الغاز الطبيعي فيها حيّزاً كبيراً، وذلك لأسباب متعددة منها أنه مصدر الطاقة الأقل إضراراً بالبيئة من بين مصادر الطاقة الأحفورية الأخرى. وقد تمكن الغاز الطبيعي من احتلال مساحات متزايدة من سلة الطاقة في العديد من دول العالم.
وقد لعب منتدى الدول المصدرة للغاز دوراً كبيراً في تعزيز مُساهمة الغاز الطبيعي في دعم الاقتصادات ومواجهة التحديات البيئية، وهو ما يسهم أيضاً في تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة. وفي هذا الصدد، فإننا نقدر الجهود المشتركة بين جميع الدول الأعضاء التي عملت على توفير إمدادات موثوقة من الغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية، وحافظت على استقرار الأسواق.
إن التحول إلى طاقة منخفضة الكربون لا يتعلق بالمنتجين فحسب، بل يرتبط أيضاً ارتباطاً وثيقاً بالمستخدمين النهائيين الذين تحدد سلوكياتهم الاستهلاكية مدى فعالية ونجاح هذا التحول. ولا بد لجهود التحول أن تتبع نهجاً متوازناً يأخذ بعين الاعتبار متطلبات التنمية البشرية والاقتصادية في الدول النامية والمجتمعات الفقيرة حيث يُحرم ما قد يصل إلى مليار إنسان من الكهرباء والوقود المصدرين الأساسيين اللذين تتطلبهما الحياة الكريمة للإنسان.
إن الاستثمار في سبل التقدم العلمي والتكنولوجي لاحتجاز وعزل الكربون وخفض انبعاث غاز الميثان هو عنصر أساسي في انتقال ناجح للطاقة النظيفة، وفي تعزيز القيمة النوعية التي يوفرها الغاز الطبيعي للمستخدمين حول العالم وفي الحفاظ على اقتصاد الطاقة العالمي في مسار مستدام.
لقد أكدت دولة قطر في العديد من المناسبات التزامها بدعم الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون من خلال العمل على إزالة المزيد من الكربون من سلسلة إنتاج الغاز ، حيث تم تشغيل أكبر منشأة على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعزل واحتجاز الكربون بقدرة سنوية تصل إلى 2,5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً منذ عدة سنوات وستصل هذه القدرة إلى حوالي 9 مليون طن بحلول عام 2030.
وتعزيزاً لدورنا في صناعة الغاز الطبيعي ، نعمل على تطوير وزيادة طاقتنا الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنوياً حالياً إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027 وذلك من خلال مشاريع توسعة الإنتاج من حقل الشمال التي تشتمل على استثمارات ضخمة في التقنيات الصديقة للبيئة، من بينها منظومة متكاملة لتجميع وحقن غاز ثاني أكسيد الكربون، ستصبح – عند تشغيلها بالكامل – الأكبر من نوعها في صناعة الغاز الطبيعي المسال، وسيتم الاعتماد على الطاقة الشمسية لتوليد جزء من الكهرباء التي يتطلبها هذا المشروع.
الحـضــور الـكــرام
الـسـيـدات والـسـادة،
لا يمكن تجاهل الإنجازات التي حققها المنتدى خلال هذه الفترة القصيرة من عمره، والتي تساهم يوما بعد يوم في تحقيق أهدافه وتعزيز رؤيته ورسالته الجماعية. وتأتي قمتنا اليوم لتؤكد على الثوابت التي يعمل منتدانا من خلالها لتعزيز دور الغاز الطبيعي ومساهمته في دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.
كما تؤكد قمتنا على أهمية ضمان أمن واستقرار الطلب والإمدادات ، وعلى وجود أُطر قانونية شفافة وغير تمييزية تضمن مصالح الدول الأعضاء في المنتدى ، إضافة إلى اعتماد سياسات عادلة في مجالات الطاقة والبيئة في البلدان المستهلكة للغاز.
ولا بد من التأكيد هنا على أهمية تسليط الضوء على مكانة الغاز الطبيعي الهامة كمصدر طاقة أساسي نحتاجه بشكل كبير لإدارة الطبيعة غير المنتظمة لموارد الطاقة المتجددة ولتعويض تقلبات الطلب اليومية والموسمية.
وسوف تستمر دولة قطر في دعم جهود حماية مصالح مصدّري الغاز والحفاظ على مصالح المستهلكين، وفي التأكيد على الحقوق السيادية الكاملة والدائمة للدول الأعضاء في تطوير واستغلال مصادرها الطبيعية. وسنبقى ملتزمين بتعزيز دور الغاز الطبيعي في التحول إلى اقتصادات منخفضة الكربون، وبالعمل جنباً إلى جنب مع جميع شركائنا لتحقيق نمو مستدام في صناعة الغاز ولتلبية الطلب المتزايد على هذا المصدر الهام للطاقة. كما سنعمل على تشجيع الاستثمارات وتطوير البنى التحتية، وقدرات الدول الأعضاء على الاستجابة للكوارث الطبيعية والحوادث.
ونجدد دعوتنا إلى تعزيز الحوار والتعاون بين الدول الأعضاء من جهة، وبين المصدّرين والمستوردين من جهة أخرى، لضمان أمن إمدادات الغاز الطبيعي واستقرار أسواق الغاز العالمية.
وفي الختام أود أن أهنئ سعادة السيد محمد حمال، الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز، على توليه مهامه الجديدة وأن أشيد بجهود الأمانة العامة القيمة خلال الأعوام الماضية تحت قيادة سعادة الأمين العام السابق السيد يوري سنتيورين.
أكرر ترحيبي بكم، وأتمنى لأعمال هذه القمة كل التوفيق والنجاح.
والـسـلام عـلـيكـم ورحـمـة الله وبـركـاتـه.